20 أغسطس 2011

طبيعة المعادن

طبيعة المعادن

 

 

يمكننا أن ننظر إلى المعادن – بصفة عامة – على أنها المواد التي تتكون منها صخور القشرة الأرضية ، وعلى هذا الأساس تعتبر المعادن أهم صلة طبيعية متيسرة بين أيدينا لمعرفة تاريخ الأرض ، أو بعبارة أخرى إنها السجل الذي سجلت فيه الحوادث المختلفة لتكون تاريخ الأرض. ويعتبر الجيولوجي المعادن التي يجدها في الصخور والعروق منتجات نهائية لعمليات طبيعية كثيرة ومتشعبة ، ووظيفته الأولى هي الكشف وإزاحة الستار عن غوامض هذه العمليات. وأول ما يقوم به جيولوجي المعادن في هذه الوظيفة هو دراسة خواص أنواع المعادن (بلورية ، فيزيائية ، كيميائية) ونشأتها ، وعلاقتها الزمانية والتسلسل الزمني لتكونها أو ما نسميه بالنشأة التتابعية. إن معظم أنواع الصخور تتكون من مخاليط معادن عدة ، ولكن قلة من الصخور ، مثل الحجر الجيري تتكون أساسا من معدن واحد. والغالبية العظمى من المعادن توجد في الطبيعة مكونة الصخور المختلفة ، أما الباقي فيوجد في الطبيعة مكونا العروق ومالئا الفجوات ، ومعظم معادن هذا النوع الأخير من الظهور والتواجد في الطبيعة ذو فائدة اقتصادية ، وتعرف هذه المعادن باسم الخامات Ores ، ومنها استخرج الفلزات المختلفة التي تستفيد الحضارة البشرية منها.
وبما أن هدف جيولوجي المعادن هو الوصول إلى الحقائق الفيزيائية والكيميائية والتاريخية للقشرة الأرضية ، لذلك كان لفظ "معدن" ، والدراسات المعدنية محصورا في المواد التي توجد وتتكون في الطبيعة. فمثلا الصلب والأسمنت والزجاج ولو أ،ها مواد ناتجة من وحدات معدنية توجد في الطبيعة ، إلا أنه لا تعتبر معادن لأن الإنسان قام بتجهيزها ، وكذلك الحال بالنسبة لجوهرة صناعية مثل الياقوت ، فلو أنها تشابه تماما جوهرة الياقوت الطبيعية كيميائيا وفيزيائيا إلا أنه تعتبر معدنا.
ولا يدخل في اختصاص جيولوجي المعادن تلك المواد الناتجة من النشاط الحيواني والنباتي مثل الفحم وزيت البترول والكهرمان الخ ، ولو أن هذه المواد توجد طبيعيا في القشرة الأرضية. فاللؤلؤ والصدفة ولو أنهما يشبهان تماما معدني الإراجونيت Aragonite ، الكالسيت Calcite ، إلا أنهما لا ينتظمان تحت صنف المعادن. هذا بالنسبة لجيولوجي المعادن. ولكن الجيولوجي الاقتصادي لا يتقيد بهذا التحديد فعندما يتكلم عن الثروات المعدنية لبلد ما فإنه يشمل البترول والفحم وكلاهما منتجات عضوية.
وربما كان أهم تحديد وضعه جيولوجي المعادن عن تعريفه للمعدن هو أن المعدن لابد أن يكون عنصرا أو مركبا كيميائيا ، أي لابد أن نكون قادرين على التعبير عن التركيب الكيميائي للمعدن بواسطة قانون كيميائي. وعلى هذا الأساس يستثنى من المعادن جميع المخاليط الطبيعية (الميكانيكية) مهما كانت متجانسة ومنظمة. ولقد نتج هذا التحديد من الصورة التي يعرفها جيولجي المعادن عن المواد المتبلورة ألا وهي ذلك الهيكل أو البناء من الذرات والأيونات ومجموعاتها اذي يمتد بصورة منظمة هندسية في كل أنحاء المادة الصلبة المتبلورة. مثل هذه المادة الصلبة المتبلورة لابد أن تخضع لقوانين النسب الثانية والمضاعفة ، وكذلك يجب أن تكون المادة في كليتها متعادلة كهربيا. فإذا أحللنا ذرة محل أخرى في هذه المادة الصلبة المتبلورة – وكثيرا ما يحدث هذا في الطبيعة – فإن هذا لا يؤثر أو ينقس من التعريف بل ينطبق على مثل هذه المادة ، طالما أن البناء الذري (الهيكل الذري) لم يتعير وطالما أن الحالة الكهربية متعادلة ، ولهذا السبب فإننا نجد المعادن في بعض الأحيان ذات تركيب كيميائي متغير – ولكن في نطاق محدود = وذلك بسبب إحلال ذرة عنصر محل ذرة عنصر آخر في بناء المعدن.
ومن ناحية أخرى نجد أن مادة مثل إمري Emery ، توجد في الطبيعة ولها تركيب كيميائي غير عضوي ثابت تقريبا لا ينطبق عليها التعريف أعلاه ، وبالتالي لا تعتبر معدنا ، لماذا ؟ لأنه يمكن فصل هذه المادة إلى مركبين كيميائيين مختلفين تمام الاختلاف عن بعضهما البعض في خواصهما الفيزيائية والكيميائية هما كوراندوم Corundum Al2O3 ، وماجنتيت Magnetite Fe3O4.
وعلى ذلك نجد أن التركيب الكيميائي للمعدن المكون من عدة عناصر يمكن التعبير عنه بقانون تتحدد فيه العناصر بنسب ثابتة. فمثلا في المعدن الشائع العروف باسم كوارتز Quartz نجد أن النسبة هي 1 ذرة سليكون إلى 2 ذرة أكسجين ، وينتج عنها القانون SiO2. وكذلك الحالة بالنسبة لمعدن خام الحديد المعروف باسم هيماتيت Hematite نجد القانون Fe2O3 ، يدل على أن النسبة هي 2 ذرة حديد إلى 3 ذرة أكسجين. وهذه النسب ثابة لا تتغير مهما تغير المكان الذي نجد في الكوارتز أو الهيماتيت. أما المعدن المكون للصخور والمعروف باسم أوليفين Olivine ، فنحد أن قانونه كما تدل عليه التحاليل الكيميائية هو (Mg2Fe)2 SiO4 . مثل هذا القانون يدل على أن المغنسيوم والحديد يوجدان في جميع معادن الأوليفين بنسب تختلف من مكان لآخر ، ولكن النسبة بين مجموع ذرات المغنسيوم والحديد إلى عدد ذرات السليكون والأكسحين ثابتة. وهذا يعني بالنسبة لجيولوجي المعادن أن ذرات المغنسيوم والحديد حرة في إحلالها محل بعضها البعض في أماكنها المتشابهة في البناء الذري المميز لمعدن الأوليفين. ومثل هذا الاختلاف في التركيب الكيميائي ، نتيجة لإحلال ذرة عنصر آخر ، لا يتعارض مع قانون النسب الثابتة في المركبات الكيميائية.
وعندما يتكون المعدن وينمو فإن نسب الذرات المكونة له تظل محفوظة ، وينتج عن ذلك ترتيب الذرات ترتيبا هندسيا منتظما في الأبعاد الثلاثة. ويمكننا في الوقت الحاضر التعرف على هذا النظام الذري الداخلي بواسطة طرف فنية أستعمل فيها الأشعة السينية والميكروسكوب. ولكن قبل استعمال هذه الطرق كانت دراسة الأسطح الخارجية للمعدن هي التي تعطينا فكرة عن الترتيب الذري الداخلي ، وعندما يكون المعدن حرا في نموه كما يحدث في فجوة واسعة مثلا ، فإن الذظام الذري الداخلي يعكس نفسه في الخارج عن طريق السطوح التي تحد المعدن من الخارج وينتج عن ذلك تكوين بلورة المعدن.
وعلى ذلك يمكننا تعريف المعدن بأنه كل مادة صلبة متجانسة تكونت بفعل عوامل طبيعية غير عضوية وله تركيب كيميائي محدود ونظام بلوري مميز.
ولعلم المعادن صلة وثيقة بعلوم الجيولوجيا والفيزيائي والكيمياء ، فجيولوجي المعادن يرسم الخرائط الجيولوجية في الحقل ويبين عليها الرواسب المعدنية والظواهر البنائية للقشرة الأرضية ، ويجمع العينات من هنا وهناك. ثم يحللها في مختبره ، ويجري عليها الطرق المختلفة التي يستعملها الكيميائي والفيزيائي.
ولو أن علم المعادن علم متكامل الوحدات ، إلا أنه لغرض الدراسة ومعالجة موضوع المعادن في هذا الكتبا بطريقة سهلة يمكننا تقسيم العلم إلى أفرع البلورات والخواص البلورية للمعادن Crystallography ، والخواص الفيزيائية للمعهادن ، والخواص الكيميائية للمعادن. ونشأة المعادن وتكونها في الطبيعة سواء أكان ذلك في الرواسب المعدنية المعروفة باسم الخامات أم في أنواع الصخور المختلفة ، ثم وصفها وطرق التعرف عليها والتمييز بينها. 

علم المعادن عند العرب

علم المعادن عند العرب

 

 

يعتبر ابن سينا (هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا المتوفي عام 428 هجرية ؟ 1049 ميلادية) وهو المؤسس الرئيسي لعلم الأرض (الجيولوجيا) أول من درس المعادن دراسة علمية فقد قسمها إلى أقسام أربعة هي: الأحجار والذئبات والكباريت (أو الكبريتيدات) والأملاح (أو المتبخرات). ويأتي بعده العالم العبقري العربي اليروني (هو أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني المتوفى بغزنة بالهند عام 440 هجرية ؟1061 ميلادية) ويعتبر كتابه "الجماهر في معرفة الجواهر ، أورع ما كتبه العرب في علم المعادن ، فبالإضافة إلى العدد الكبير من المعادن والاحجار الكريمة والفلزات التي وصفها العالم الفذ ، فإن البيروني فرق بين المعادن والفلزات. ويأتي بعد البيروني العالم التفاشي (هو شهاب الدين أبو العباسي أحمد بن يوسف التيفاشي القيسي المتوفى بالقاهرة عام 651 هجرية؟1271 ميلادية) الذي نهج منهجا علميا في وصف المعادن والأحجار الكريمة في كتابه "أزهار الأفكار في جواهر الأ؛جار" فوصف كل معدن وحجر كريم بالنسبة لجيده وردئه ، خواصه ومنافعه ، قيمته وثمنه ، ثم تكون الحجر من المعادن. ويأتي بعده ابن الأكفاني (هو محمد بن ابراهيم بن ساعد السنجاري المعروف بابن الأكفاني المتوفى بالقاهرة عام 7469 هجرية/1369 ميلادية) الذي ألف كتاب "نخب الذخائر في أحوال الجواهر" وقدم فيه وصفا لاربعة عشر حجرا من الأحجار الكريمة والمعادن.
إن العرب في الحقيقة هم أول من درسوا المعادن دراسة علمية ، قدموا في مؤلفاتهم الأسس العلمية الأولية لعلم المعادن. لقد وصفوا المعادن بالنسبة لخواصها البلورية وخواصها الطبيعية (اللون ، الشفافية ، المخدش أو المحك) والوزن النوعي (الثقل النوعي) والاختبارات الكيميائية ونشأة المعادن وأسمائها.

تعرف على انواع الماتيريال

المعادن





 الباب الاول: تعريف المعادن

يختص علم المعادن Mineralogy بدراسة تلك المواد المتجانسة التي توجد في الطبيعة وتتكون بواسطتها مثل الألماس والذهب والتي نعرفها باسم المعادن. لقد استرعت المعادن انتباه الإنسان منذ قديم الزمان ، حيث ساهمت في بناءحضارته المتطورة بصورة أو بأخرى. إننا نجد في آثار قدماء المصريين (منذ 5000 سنة ) مايدلنا على أ،هم فتحوا مناجم الذهب حيث استخلصوا هذا المعدن النفيس من العروق الحاملة له. ويوجد في الصحراء الشرقية بجمهورية مصر العربية أكثر من 40 منجما فتحها القدماء واستخرجوا منها الذهب الذي صنعوا منه التماثيل والحلي. وكذلك استعملوا مغرة الحديد الحمراء (معدن الهيماتيت) في طلاء مقابرهم ، كما استخلصوا النحاس من معادن النحاس الخضراء والزرقاء التي استرعت إنتباههم في شبه جزيرة سيناء (حيث يوجد بقايا أول فرن في العام لصهر خامات النحاس) ، ومن النحاس صنعوا الأدوات المختلفة. ولم يقف القدماء عند هذا الحد ، بل ساحوا في الصحراء بحثا وراء الأحجار الكريمة ، وهي معادن نادرة جذابة (منها الأخضر مثل الزمرد والملاكيت والفيروز والابيرز) واستعملوها في صناعة عقودهم وزينتهم ، ومنذ ذلك التاريخ والمعادن تسهم بنصيب كبير في نمو الحضارة ، حتى أن كل عصر كان يعرف باسم المعدن الشائع فيه ، فكان عصر الحديد وعصر النحاس ، حتى عصرنا الحاضر. عصر الذرة ، حيث يستخلص الإنسان عنصر اليورانيوم من معادن اليورانيوم المختلفة ليستعمله في إنتاج الطاقة الذرية . وبالرغم من إعتماد الإنسان منذ القدم إعتمادا كليا على المعادن في صناعة أسلحته ، ووسائل راحته ، وزينته ، وعموما في ضرورياته ، فإنه من المدهش حقا أن نجد عددا كبيرا من الناس لديهم فقط فكرة غير واضحة عن طبيعة المعادن ، وأن هناك علما متخصصا في دراستها ومتعمقا في أبحاثها.
إن صخور الجبال ، ورمال الشاطئ ، وتربة الحديثة يتكون معظمها أو جزء كبير منها من المعادن. كذلك فإن جميع المنتجات التجارية غير العضوية التي نتداولها في حياتنا اليومية ، إما أن تكون عبارة عن معادن او صنعت من مود معدنية ، فمواد البناء ، والصلب والأسمنت ، والزجاج – على سبيل المثال لا الحصر – نحصل عليهم من المعادن.